تُحيي بلادنا اليوم الذكرى الثانية عشرة لثورة 17 ديسمبر 14 جانفي، وسط أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية متأزمة تحرم عموم التونسيين من تحقيق تطلعاتهم في دولة مدنية ديمقراطية تضمن الحقوق والحريات وتسودها العدالة واحترام القانون وتكريس المساواة.
وفي هذه الذكرى التي نحتفل بها بكل اعتزاز لما حققه الشعب التونسي من مكتسبات، تعبر الرابطة شديد انشغالها إزاء ما وصل إليه الوضع العام بالبلاد التونسية
فقد انعقدت يوم 17 ديسمبر 2022 دورة أولى من انتخابات تشريعية تميزت بتدنّي نسبة إقبال الناخبين على المشاركة فيها وعزوفا عاما عن المسار الانتخابي نُقدر أنه يعود أساسا للأسباب التالية:
– ضبابية وتعثر المسار السياسي والانتقالي للبلاد وتسيير دواليب الدولة عن طريق مراسيم وضعت بطريقة أحادية غير قابلة للطعن والمراجعة.
– تعمق الأزمة في البلاد وتوسعها لتشمل كافة المجالات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئة
– اصدار دستور 25 جويلية 2022 بطريقة غير تشاركية أفضى الى تجميع السلط بين يدي رئيس الجمهورية وتصنيف السلطة القضائية كوظيفة خاضعة إلى سلطة رئاسة الجمهورية ومجلس أعلى للقضاء تم تعيين أعضائه كما ألغى أغلب الهيئات الدستورية، وغيرها من الهيئات المستقلة والتعديلية.
– اصدار المرسوم عدد 55 لسنة 2022 الذي اعتمد مبدأ التصويت على الأفراد وإقرار شرط التزكية الذي كان عائقا كبيرا أمام المترشحين مما أفضى الى مقاطعة العملية الانتخابية والعزوف عنها كما أن التراجع عن مبدأ التناصف في القانون الانتخابي أقصى تمثيلية النساء في المجلس النيابي القادم.
– إشراف هيئة انتخابات مطعون في استقلاليتها.
كما تعبر الرابطة عن انشغالها العميق إزاء مزيد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي من خلال إصدار المرسوم عدد 79 لقانون المالية لسنة 2023 الذي قوبل برفض عام وشامل لما تضمنه من إجراءات موغلة في الإجحاف في حق المواطنين والمؤسسات وإثقال كاهلهم بالضرائب والآداءات والخطايا، في غياب تام للحلول الكفيلة بإنعاش الاقتصاد الوطني الذي يعاني أزمة مزدوجة تجمع بين الركود من جهة، والتضخم الذي بلغ أعلى درجاته من جهة أخرى.
هذا وتعتبر الرابطة أن قانون المالية سيكون عاملا لمزيد التوتر الاجتماعي وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها التونسيون والتونسيات ودخول البلاد في أزمة اقتصادية غير مسبوقة سيكون من مظاهرها ارتفاع مشط للأسعار وفقدان مواد غذائية ومواد صحية أساسية في حياة المواطن اليومية.
هذا وقد تعددت انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الاخيرة وأبرزها اصدار المرسوم 54 الذي يهدّد أهم مكسب من مكاسب الثورة وهو حرية الرأي والتعبير، وتطبيقا لهذا المرسوم تواترت احالات الصحافيين والمدوّنين والنشطاء السياسيين والمحامين على القضاء على خلفية تعبيرهم على آرائهم المعارضة أو الناقدة للسياسات العامة.
بمناسبة إحياء ذكرى الثورة تحمل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السلطة التنفيذية المسؤولية الرئيسية في تفاقم الأزمة الشاملة وتوسع معالمها وتنبّه من خطورة تواصل الوضع الراهن وتدعو إلى ضرورة تجاوزه في إطار الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والتشريك الفعليّ للمجتمع المدني والسياسي، وتقدّر الرابطة أنّ ذلك يقتضي التعجيل بجملة من الإجراءات أبرزها:
– تعليق الدور الثاني من الانتخابات التشريعية
– سحب المراسيم والأوامر المناقضة لأسس الدولة المدنية والفصل بين السلط والماسّة من جوهر الحريات العامة وأبرزها المرسوم عدد 54 لسنة 2022.
– تنفيذ أحكام المحكمة الادارية بخصوص القضاة المعفيين والتعجيل بإصدار الحركة القضائية.
– تكوين حكومة كفاءات تحظى بدعم مكونات المنظمات الوطنية والمجتمع المدني والسياسي تترأسها شخصية وطنية تتولى تنقية المناخ السياسي وتكون قادرة على تقديم بدائل اقتصادية واجتماعية وعلى اتخاذ إجراءات فعلية قادرة على الحدّ من استفحال الأزمة الاقتصادية واستشراء ظاهرة البطالة والهجرة غير النظامية وغيرها من مظاهر انسداد الآفاق.
– مراجعة قانون المالية لسنة 2023 وإيجاد حلول مستعجلة لمسألة استفحال التداين الخارجي والداخلي واعادة جدولة تسديد الديون حفاظا على توازنات الميزانية العمومية.
هذا وتؤكد الرابطة التزام الرابطين والرابطيات بالدفاع عن كافة الحقوق واستعدادهم/هنّ الكامل للانخراط في النضال السلمي وفي كل المبادرات من أجل تكريس قيم الدولة المدنية والديمقراطية الضامنة للحقوق والحريات كما تدعو كافة القوى الحية والمنظمات ومكونات المجتمع المدني إلى مزيد العمل المشترك من أجل تحقيق مطالب الثورة وتعزيز مكاسبها.
Leave Your Comment