بيان 13 أوت 1956 / 13 أوت 2025 : حقوق النساء.. خط أحمر
تحلّ اليوم الذكرى التاسعة والستون لصدور مجلة الأحوال الشخصيّة، التي شكّلت لحظة فارقة في تاريخ تونس والمنطقة، إذ أسست لإلغاء تعدّد الزوجات، وتنظيم الطلاق أمام القضاء، ومنع الزواج القسري، ومنحت المرأة حق التعليم والعمل، وفتحت الباب أمام مشاركتها في الحياة العامة. هذه المكاسب، التي كانت ثمرة نضالات مريرة للحركة النسوية والمجتمع المدني، جعلت تونس رائدة في المنطقة في مجال المساواة بين الجنسين.
وإذ نثمّن نضالات الأجيال السابقة من نساء ورجال ساهموا في انتزاع هذه المكاسب، فإننا نعبّر عن قلقنا العميق أمام التراجع الملموس الذي تعرفه أوضاع النساء في ظل سياسات السلطة الحالية حيث نسجل:
– تراجع الضمانات الدستورية، وخاصة في دستور 2022 الذي ألغى مبدأ التناصف للنساء في المجالس المنتخبة، وأضعف الآليّات المؤسسية للمساواة. – إقصاء المجتمع المدني من المشاركة في صياغة السياسات، ما عطّل أي إمكانية لتطوير حقوق النساء. – تفاقم التضييق على الحريات، مع ملاحقة الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان، والزج ببعضهن في السّجون.
كما أنّ وجود سجينات رأي وسجينات سياسيات اليوم في تونس هو وصمة عار على جبين السلطة، وانتهاك صارخ للقانون وللاتفاقيات الدولية التي التزمت بها بلادنا.
وانطلاقًا من ذلك، تؤكّد الرابطة على ما يلي:
1. الإفراج الفوري عن كل السجينات السياسيات وسجينات الرأي، ووقف الملاحقات التي تستهدف الناشطات والحقوقيات.
2. رفض أي محاولة للمساس بمجلة الأحوال الشخصيّة أو تقليص الحقوق التي أقرتها، مع التنديد بعدم معالجة ملفات النساء الفلّاحات اللواتي يواجهن هشاشة العمل وغياب الحماية الاجتماعية، والتعبير عن الانشغال العميق إزاء وضعية المهاجرات اللواتي يعانين من الاستغلال والعنف.
3. التصدي لكل خطاب أو ممارسة تمييزية، والمطالبة باستعادة مبدأ التمثيل النصفي في كل المجالس المنتخبة، وتوسيع دائرة المساواة الفعلية في القانون وفي الواقع.
إنّ ذكرى 13 أوت ليست مجرّد مناسبة وطنيّة للاحتفال أو استدعاء صور الماضي، بل هي نداء متجدد لاستنهاض الوعي الجماعي، واستحضار المعنى الحقيقي لنضالات النساء التونسيات عبر العقود. هي تذكير بأنّ الحقوق لا تُمنح، بل تُكتسب بالنضال، وأنّ المكاسب التي تحققت بجهود متراكمة وتضحيات الأجيال السابقة مهدّدة بالضياع إن لم نحرسها باليقظة والمقاومة.
إنّ هذا اليوم يضعنا أمام مسؤوليّة جماعية: أن نحمي ما تحقّق، وأن نوسّع دائرة الحقوق والحريات لتشمل جميع النساء دون استثناء، وخاصة الفئات الأكثر هشاشة، من العاملات الفلّاحات والمهاجرات، إلى السجينات والناشطات اللواتي يواجهن القمع.
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرّئيس بسام الطريفي
Leave Your Comment