تتابع الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمجتمعة في دورتها العادية يومي 9 و10 سبتمبر2023 بانشغال عميق تواصل تدهور الأوضاع المتعلقة بالشأن الوطني على مختلف الأصعدة والتي تتمثل سمتها العامة في تسارع الجنوح إلى تكريس حكم رئاسوي فردي يقوّض أسس الديمقراطية ودولة القانون ويسرّع في وتيرة التضييق على الحريات وانتهاك الحقوق.
شهدت المدة الأخيرة تواصل وتصاعد أشكال التضييق على الحريات وانتهاكات حقوق الانسان، حيث تكثفت شتى الملاحقات ضد النشطاء السياسيين والمدنيين المعارضين في قضايا غابت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة وتم خلالها الدوس على حقوقهم الأساسية ورافقتها في أغلب الأحيان حملات التخوين والتحريض ضد كل نفس معارض. ولم يسلم الاعلاميون من هذه الممارسات، فقد طالتهم التتبعات القضائية والإيقافات والأحكام بالسجن على خلفية ممارستهم لعملهم الصحفي، كما يتواصل استهداف المنابر الإعلامية من أجل اخضاعها ولجم صوتها بمختلف الأشكال.
وتأتي هذه الأوضاع في ظل تفاقم معاناة المواطنات والمواطنين من الأزمة الاقتصادية الحادة ووصولها إلى مراحل غير مسبوقة من ارتفاع جنوني للأسعار وفقدان للمواد الحياتية وتدهور للخدمات العمومية الأساسية من ماء وكهرباء وصحة ونقل، وسط غياب لأي سياسة واضحة وعقلانية لمعالجة هذه الأوضاع وإصرار السلطة تعليقها على شماعة مؤامرات وهمية يحيكها مناوئون وهميون وذلك للتفصّي من المسؤولية في ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب من جهة واستعمال الأزمة للتحريض على المعارضين من جهة أخرى.
كما تواصل السلطة انتهاج سياسة خارجية قائمة على العشوائية تتمثل أحد سماتها الأساسية في التقارب مع القوى اليمينية العنصرية والأنظمة الاستبدادية، سياسة تترجم على أرض الواقع إلى تحول تونس إلى حارس لحدود أوروبا وعصا لضرب المهاجرين.
إن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، واستنادا إلى مرجعيتها الحقوقية الكونية ورصيدها ودورها الوطني، تعبر عن:
• رفضها لتواصل انحراف المسار الحالي نحو إرساء حكم فردي تتغول فيه رئاسة الدولة على بقية المؤسسات، وتخضع فيه السلطة التنفيذية بقية السلط والمؤسسات المستقلة والتعديلية، ويهمش دور الهياكل التمثيلية والأجسام الوسيطة، ويتم تصحير الحياة السياسية عبر شيطنة الأحزاب والعمل السياسي.
• استنكارها لتصعيد السلطة التنفيذية أعمالها الرامية إلى اخضاع القضاء وتحويله إلى عصا بيدها وتطالب بالتراجع عن الإجراءات التي تمس من الاستقلال الفعليّ للسلطة القضائية ومنها تلك الواردة ضمن الحركة القضائية الأخيرة.
• إدانتها لتواصل التضييق على الحريات وانتهاكات حقوق الانسان وحملات التخوين التي تأتيها السلطة ضد كل من يخالفها الرأي.
• إدانتها الشديدة لتواصل الملاحقة القضائية ضد النشطاء السياسيين والمدنيين وإيقاف مواطنين على خلفية نشاطهم أو ممارستهم لحقهم في التعبير والتنظم، وتنـدد بالانتهـاكات التـي طالـت الموقوفيـن والموقوفـات خلال مراحل الإيقاف والتحقيق، ومطالبتها بإطلاق سراحهم ووقف التتبعات ضدهم والكف عن تلفيق التهم وتوظيف أجهزة الدولة ضد الخصوم والمعارضين والأصوات المستقلة.
• استنكارها تواصل التضييق على حرية التعبير والصحافة والإعلام، وتواصل وضع يد السلطة على المؤسسات الإعلامية العمومية والسعي إلى اخضاع المؤسسات والمنابر الإعلامية من أجل طمس التنوع في المشهد الإعلامي وتحويلها إلى بوق دعاية. وتجدد الرابطة مطالبتها بإلغاء المرسوم عدد 54 وإعادة الاعتبار لدور الهيئات التعديلية المستقلة في مجال الاعلام وتحرير الاعلام العمومي من التبعية للسلطة التنفيذية.
• تضامنها مع معاناة التونسيات والتونسيين جراء تفاقم الأزمة الاقتصادية ومطالبتها السلط المعنية بضرورة تحمل مسؤوليتها في معالجة الأزمة وتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لأفراد الشعب.
• استنكارها لتواصل السياسة اللاإنسانية اللي تنتهجها السلطة في معالجة ملف الهجرة ورفضها تحويل تونس لشرطي حدود للدول الأوروبية ومطالبتها بضرورة اعتماد سياسة قائمة على احترام حقوق الانسان.
• تجديد التزامها بدورها الوطني الرامي إلى تكريس الديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق الانسان، ودعوتها جميع القوى الديمقراطية والحقوقية إلى الالتقاء حول برنامج عمل مشترك في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة.
Leave Your Comment