تحيي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى جانب شعوب العالم وقواها التقدمية، يوم الثامن من مارس، كيوم عالمي للنضال من أجل اقرار حقوق المرأة وفي مقدمتها المساواة التامة والفعلية في كافة المجالات دون تحفظات.
وتحل هذه المحطة النضالية الأممية هذا العام في سياق دولي وإقليمي يتسم بالهجوم الشرس على حقوق الشعوب وحقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق النساء بصفة خاصة زادت من حدته الحروب والأزمات الاقتصادية مما فاقم في اضطهاد النساء وشكل تهديدا حقيقيا لمكاسبهن وللتقدم في إقرار المساواة الفعلية بين الجنسين.
فعلى المستوى الدولي، يحل اليوم العالمي للمرأة هذا العام في ظل وضع يعرف تراجعات خطيرة على مستوى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للنساء، والراجع إلى تغول السياسات النيو لبرالية المتوحشة مما خلف أثارا كارثية على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للشعوب، وفي مقدمتها النساء، اللائي يعانين من عنف وحيف مزدوج.
وعلى المستوى الإقليمي، يتسم الوضع بتسجيل تراجعات خطيرة على مستوى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية للنساء، وارتفاع مظاهر العنف ضدهن، واعتقال العديد من الناشطات النسويات بكل من السودان، ومصر والجزائر، واستمرار اسر العديد من المناضلات الفلسطينيات من قبل العدو الصهيوني الذي هرولت الأنظمة الرجعية للتطبيع معه في ظل رفض جماهيري ونسائي واسع. كما تتعرض النساء الفلسطينيات في الأراضي المحتلة وخاصة في غزة، إلى العدوان والإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يتعرض لها عموم الشعب الفلسطيني، حيث تمثّل النساء (وفقا لتقارير وزارة الصحة الفلسطينية) حوالي 70 % من الشهداء والجرحى كما تمثلن النسبة الأكبر من المشردين والمهجّرين.
وفي هذا اليوم الذي تتواصل فيه إبادة الشعب الفلسطيني ونسائه أمام عجز المجتمع الدولي تجدد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان دعمها للمقاومة والنضال اليومي للنساء الفلسطينيات اللواتي يقفن بصمود ضد الاحتلال والعدوان كما تحيّي نضالهن اليومي من أجل احترام حقوقهن الخصوصية في المساواة والحرية وحقهن في العودة.
أما على المستوى الوطني، فقد شهدت أوضاع النساء تراجعا مطردا في الفترة الأخيرة، فإلى جانب معاناتهن المضاعفة كمواطنات وكنساء، من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مما جعلهن المتضرر الأكبر من تفاقم التضخم ونسب البطالة والفقر وتدهور العلاقات الشغلية والمقدرة الشرائية، تشهد نساء تونس تراجعا حادا في حقوقهن المدنية والسياسية وتهديدات جدية للمكاسب التي راكمنها بنضالهن وبنضال القوى المدافعة عن المساواة التامة والفعلية، فقد أدت المنظومة السياسية والانتخابية القائمة إلى تراجع حاد في مشاركة المرأة في الحياة العامة وفي تمثيليتها في المؤسسات والسلط السياسية والإدارية وفي مواقع القرار وطنيا ومحليا. كما تفاقمت معاناتهن من التمييز والعنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي الذي يصل في عديد الأحيان إلى القتل حيث سجلت الجهات الرسمية سنة 2023 وفاة 27 امرأة وفتاة على أيدي أزواجهن وأقربائهن، ورغم أن تونس بادرت منذ سنوات بوضع قوانين أساسية لتجريم كل أشكال العنف المادية والنفسية والجسدية ضد النساء إلا أنها لم تكن كافية لردع المعنفين حيث ظلت المحاكم تستقبل آلاف الشكاوى من النساء المعنفات، أكثرها مازال عالقا بين أروقة المحاكم دون البت فيها. علاوةً على ذلك، تُواجه منظمات المجتمع المدني، التي تلعب دورًا حاسمًا في الدعوة إلى مزيد من المساواة بين الجنسين وفي الضغط من أجل حماية ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، قيودًا متزايدة على نشاطها، وتواجه أيضًا تهديدًا بمزيدٍ من القيود التي تحدّ من قدرتها على إنجاد النساء والدفاع عن حقوقهن وذلك خاصة عبر مساعي تغيير المرسوم 88 المنظم للجمعيات.
وإذ تشارك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بكلّ فخر واعتزاز نساء تونس والعالم إحياء هذا اليوم العالمي، فإنّها:
• تجدّد التزامها المطلق بمبادئ حقوق الإنسان الكونية التي تضمن للنساء كل الحقوق والحريات دون تجزئة وخاصّة تلك المتعلّقة بالحقّ في العمل اللائق والمساواة في الأجور والتمتّع بالخدمات الصحية والاجتماعية اللائقة والحماية من الهشاشة والتفقير والرافضة للعنف والتحرّش والمطالبة بحقّ تحمّل المسؤوليات القيادية وضمان تكافؤ الفرص.
• تطالب الدولة التونسية بالتصديق على اتفاقية إسطنبول وجميع الاتفاقيات الدولية القاضية بالمساواة في الأجر والمنح والعطل وخاصّة عطلة الأمومة في القطاع الخاص ومراعاة خصوصية المرأة في الشغل وتجريم التحرّش في مواقع العمل ومن بينها الاتفاقية عدد 183 المتعلقة بحماية الأمومة والاتفاقية عدد 189 المتعلّقة بالعاملات المنزليات والاتفاقية عدد 190 المتعلّقة بمناهضة العنف والتحرش في عالم العمل. كما تطالب بتوفير كل مستلزمات تفعيل القوانين والأوامر المتعلّقة بمناهضة كلّ أشكال العنف والتمييز ضد المرأة.
• تعبر عن تضامنها مع النساء السجينات والملاحقات واللوات يتعرضن لحملات التشهير والتشويه على خلفية نشاطهن السياسي والحقوقي والإعلامي وممارسة حقوقهن المدنية والسياسية وتطالب بإطلاق سراح المحتجزات منهن وإيقاف التتبعات ضدهن والكف عن الحملات المغرضة تجاههن.
• تتمسك بمكتسبات ثورة الحرية والكرامة ومن أهمّها حرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام وحرية التنظم ومن ضمنها حرية العمل الجمعياتي التي كرسها المرسوم عدد 88 لسنة 2011 والذي سمح لا فقط بتقنين العمل المدني، بل أيضا، ساهم في تنويعه وجعله ركيزة مستقلة وأساسية لتعزيز الدّيمقراطية والبناء التنموي والتي تعتبر المساواة وتمكين المرأة معيارا أساسيا من معاييرها.
• تطالب المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة بالعمل على إنهاء ما تتعرض له النساء الفلسطينيات كجزء من الشعب الفلسطيني من جرائم الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وعلى مساندة حقه في المقاومة وتقرير المصير، ومن ذلك بالخصوص تفعيل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325، المتخذ في 31 أكتوبر 2000 حول المرأة والسلام والأمن.
Leave Your Comment