نحن أعضاء وعضوات المجلس الوطني الأوّل بعد المؤتمر الثامن للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، المنعقد يومي 04 و05 فيفري 2023 بمدينة سوسة، وبعد التداول في الوضع العام المتأزم بالبلاد وواقع حقوق الإنسان والحريّات العامّة والفردية، نسجّل خطورة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد وذلك من خلال عديد المؤشرات، التي تنذر بمزيد تردّي الأوضاع ممّا يهدد بانفجار اجتماعي وسياسي وشيك، ومن أهمها:
–انسداد الأفق السياسي وتعمّق الأزمة واتساع الهوّة بين مكونات السلطة التنفيذية وباقي مكونات المجتمع المدني والسياسي.
–عزوف الغالبية القصوى من التونسيين والتونسيات عن ممارسة حقهم/هن الانتخابي، وضعف نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، نتيجة تواصل الإحساس بالخذلان وفقدان الأمل في تحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفقدان السلطة الحاكمة لحلول للخروج بالبلاد من الأزمات المتعاقبة …
–تواصل استهداف مقوّمات الدولة المدنية والديمقراطية والإمعان في تركيز الحكم الفردي المطلق والذي كان أحد أسباب انتفاضة الشعب التونسي إبّان ثورة 17 ديسمبر/ 14 جانفي.
–التضييق الممنهج على حرية الرأي والتعبير، من خلال عديد القرارات والمراسيم وفي مقدمتها المرسوم عدد 54 لسنة 2022، والذي توسعت بموجبه التتبعات القضائية والهرسلة الأمنية لنشطاء المجتمع المدني والصحفيين والصحفيات والمدونين والمدونات والمحامين وكذلك المشاركين والمشاركات في الاحتجاجات السلمية.
–ضرب القضاء والسعي لتوظيفه لتصفية المعارضين والخصوم السياسيين ومحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.
–تواصل سياسة الإفلات من العقاب لمنتهكي حقوق الإنسان، والتردّد والتباطؤ في محاسبة الفاسدين وكل من أجرم في حق البلاد.
–المُضيّ في ضرب السيادة الوطنية والالتزام الكلّي بالسياسات الليبرالية المتوحشة التي أدخلت الاقتصاد الوطني في أزمة عميقة من خلال الارتهان للمؤسسات المالية الدولية
المانحة والتداين الخارجي ذي الفوائض المشطة والمجحفة المقترنة بإجراءات تقشفية زادت في تردي الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للتونسيات والتونسيين.
–استنزاف المقدرة الشرائية للمواطن من خلال فرض المزيد من الضرائب ورفع الدعم عن السلع والمواد الأساسية وفقدانها من الأسواق، في ظلّ ارتفاع كبير لنسب التضخم وغلاء الأسعار وتجميد الأجور.
–التفشي الخطير للفقر والبطالة والتصاعد غير المسبوق لهجرة الكفاءات التونسية وتنامي عمليات الهجرة غير النظامية بسبب الإحباط وانسداد الأفق والأمل في عيش كريم لدى التونسيات والتونسيين.
وفي ظلّ هذا الوضع الباعث على الانشغال، فإننا:
–نجدّد مطالبتنا بإلغاء جميع المراسيم والتشريعات المحلية المنتهكة لأسس الدولة المدنية وللحقوق والحريات وبضرورة ملاءمتها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الكونية والفصل الحقيقي بين السلط واستقلال ونزاهة القضاء.
–رفضنا المطلق لخطاب التفرقة والتخوين والتحريض على مكونات المجتمع المدني والسياسي ونحذر من اعتماد خطاب يقسّم التونسيين والتداعيات الخطيرة لذلك على المجتمع والحياة السياسية.
–نرفض سعي السلطة لضرب العمل النقابي والحق في الاضراب، وندين بشدة إحالة مسؤولين نقابيين على القضاء بسبب نشاطهم النقابي وما يتعرض له الإتحاد العام التونسي للشغل من حملات تشويه وتجييش للرأي العام ضدّه، كما ندعو إلى ايقاف التتبعات والمحاكمات ونجدد دعمنا ومساندتنا للنقابيين ونضالاتهم.
-وبمناسبة الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد، نجدّد تمسكنا بضرورة الكشف عن كامل حقيقة الاغتيالات السياسية وعلى رأسها اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وكل شهداء المؤسستين الأمنية والعسكرية. وندعو كل القوى الوطنية ومكونات المجتمع المدني إلى مزيد العمل والضغط من أجل محاسبة كافة المتورطين في هذه الاغتيالات.
–نؤكّد على أهمية الحوار للخروج من الأزمة الراهنة الخانقة التي تمر بها البلاد، وعازمون مع بقية شركائنا على صياغة مشروع مبادرة للإنقاذ الوطني، يهدف إلى ضمان دولة القانون ويصون حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية ويسعى إلى توفير مقومات الحياة الكريمة لسائر المواطنات والمواطنين.
وعلى الصعيد الخارجي تجدّد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان:
– تضامنها المطلق مع الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ومطالبتها الملحّة السلطات الجزائرية برفع اليد عن حريّة العمل الحقوقي والمدني بالبلد الشقيق.
–دعمها اللاّمشروط لنضال الشعب الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني المتورط في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، و ننّدد وندين كلّ الجرائم والانتهاكات البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني وآخرها المجازر وجرائم التهجير القسري ضدّ الفلسطينيين في جنين والضفّة الغربية، وتستهجن الرابطة الصمت الدولي وتواطؤ بعض الأنظمة العربية المطبعة.
كما تذكّر الرابطة بموقفها المبدئي الرافض لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي هذا الصدد تستنكر استقبال رئيس الجمهورية للسفير الأمريكي “جوي هود” وقبول أوراق اعتماده بتونس رغم تصريحاته الماسّة من السيادة الوطنية والداعية للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
وأخيرا، تدعو الرابطة كافّة مكوّنات المجتمع المدني والمنظمات الوطنية وكل القوى المدنية والحيّة في تونس إلى الدفاع عن مكتسبات الثورة وعن حق الشعب التونسي في العيش الكريم وإلى مزيد التنسيق والتكاتف والنضال المشترك للخروج بالبلاد من الأزمة الخانقة التي تعيشها.
Leave Your Comment